طروبارية القديسة آفيميّة (باللحن الثالث وزن ثياس بيستيوس)
“أنت بهجةُ الرأي القويم، ومُذِلَّةُ الرأي الوخيمِ. يا جميلة العذارى آفيميّة، فقد أثبتّ صواب رأي الآباء، أباءِ المجمعَ الرابعِ الحُكماء. فاشفعي بنا للرب لكي يرحمنا ايتها الشهيدة المجيدة.”
***آفيميّة أي الممدوحة والحسنة الصيت.
يُعيّد للقدّيسة آفيميّة في ١١ تمّوز لمّا ثبّتت الإيمان في المجمع المسكوني الرابع، وفي ١٦ أيلول.
* ولادتها ونشأتها:
ولدت آفيميّة في منتصف القرن الثالث في مدينة خلقيدونيا – المدينة التي انعقد فيها المجمع المسكوني الرابع في العام ٤٥١م مِن أبوين ورعين تقيّين، أيام الأمبراطور ذيوكليسيانوس (٢٨٤-٣٠٥م). كان أبوها من الأشراف وأمّها من أكثر الناس حبّاً للفقير.
وما كادت آفيميّة تبلغ العشرين من عمرها حتّى اندلعت موجة اضطهاد جديدة على المسيحيّين، هي العاشرة من نوعها. فلقد دعا حاكم آسيا الصغرى، بريسكوس، بمناسبة عيد الإله آريس، إلى إقامة الاحتفالات وتقديم الذبائح.
ولمّا كانت آفيميّة في عداد مجموعة من المسيحيّين، الذين تغيّبوا عن الاحتفال وتواروا عن الأنظار، فقد أصدر الحاكم أمرًا بالبحث عنها وألقى عمّاله القبض عليها.
وعندما مثلت المجموعة أمام الحاكم، سألهم: “لماذا عصيتم أوامر الأمبراطوريّة؟”
كان جواب الجميع: “إنّ أوامر الأمبراطور نطيعها، شرط أن لا تكون مخالفة لأوامر إله السماء. أمّا إذا كانت كذلك، فنحن لا نعصاها وحسب، بل نقاومها أيضًا”.
اغتاظ بريسكوس الحاكم جداً وسلّمهم إلى المعذّبين.
* آفيميّة تحت العذاب:
كان واضحًا أن قدّيستنا كانت على رأس المجموعة، ولفت جمال طلعتها وطراوة عودها الحاكم، فحاول، بإطرائه، خداعها وثنيها عن عزمها، فلم يفلح، فسلّمها هي أيضًا إلى التعذيب.
لكن شيئاً غريباً حدث. فكلّما كان الحاكم يسلّمها إلى نوع من أنواع التعذيب، كان ملاك الربّ يأتي ويعطّل مفعوله.
وضعها بريسكوس، مثلاً، على عجلة، فجاء الملاك وكسر العجلة.
ألقاها في النار فلم تصبها بأذى.
ألقاها في جبّ ماء فيه كافة أنواع الزواحف السامة، فرسمت إشارة الصليب فوق الماء ونجت. وإنّ اثنين من جلاّديها، وهما فيكتور و سوستنيس، لما رأيا ما حدث، مجّدا إله أوفيميا وآمنا بالربّ يسوع، فكان مصيرهما أن أُلقيا إلى الوحوش واستشهدا.
أخيراً بعدما صار واضحا أنّ النعمة الإلهية هي أقوى من كلّ العذابات التي يمكن أن يخترعها خبثاء الأرض، شاء الربّ أن ينيّح أمته، فترك دبًا، ألقيت آفيميّة إليه، يعضها، فأسلمت الروح. وجاء ذووها فأخذوا الجسد ودفنوه في طرف المدينة.
* ضريح القدّيسة آفيميّة مستشفى:
في أيام قسطنطين الملك، شيّد المسيحيون فوق ضريح القدّيسة آفيميّة كنيسة يقال إنّها كانت من أعظم كنائس الشرق وأفخمها.
في تلك الكنيسة، بالذات، اجتمع آباء المجمع المسكوني الرابع.
من الأخبار التي تناقلها التراث بشأن عجائب آفيميّة، بعد استشهادها، أنّ قبرها، في عيدها السنوي، كان يفيض دمًا حيًّا تفوح منه رائحة سماويّة لا نظير لها. وكانوا يدهنون المرضى بهذا الدم فيشفون.
* القدّيسة آفيميّة والمجمع المسكوني الرابع:
إلى آفيميّة تنسب تلك الأعجوبة التي حدثت في المجمع المسكوني الرابع (451 م)، والتي كشفت فيها القدّيسة الشهيدة، بنعمة الربّ يسوع، وأمام الجميع، العقيدة القويمة ونبذت الهرطقة. (أنقر هنا)
تجدر الإشارة إلى أنّ الأعجوبة ثبتت في وجدان الكنيسة لدرجة أنّها أفردت لها عيدًا خاصًا ما زلنا نقيمه، كلّ عام، في الحادي عشر من شهر تموز..
* القدّيسة آفيميّة مفخرة الكنيسة:
وقد أتى عدد من الآباء على ذكر آفيميّة بإكبار عبر العصور كما بنيت كنائس كثيرة على اسمها.
من المواعظ المهمّة التي قيلت في استشهادها تلك التي نطق بها أستاريوس، أحد أساقفة البنطس، في الأوّل من كانون الثاني من العام ٤٠٠ للميلاد، وفيها يصف استشهاد آفيميّة كما عاينه في لوحة رسمت لها في ذلك الزمان.
* رفات القدّيسة آفيميّة:
ورد في سيرة حياة القدّيسة آفيميّة حوالي عام ٦٢٠م، وفي أعقاب غزو الفرس لخلقيدونيا في عهد خسرو الأول في عام ٦١٧م، تم نقل رفات القدّيسة أوفيميا إلى كنيسة جديدة في القسطنطينية.
هناك، خلال عمليات الاضطهاد ضد الأيقونات، قيل إن رفاتها ألقيت في البحر، حيث استعادها الأخوان سرجيوس وسيرغونوس وسلّما الرفات إلى أسقف قام بإخفائها في سرداب سريّ. بعد ذلك، تم نقل الرفات إلى جزيرة ليمنوس ، وفي عام ٧٩٦م أعيدت الرفات إلى القسطنطينية.
يتم اليوم الاحتفاظ بمعظم الرفات في كنيسة القدّيس جاورجيوس في الفنار التابعة للبطريركية المسكونيّة في القسطينيّة.***
☦️🌷